تحالف إستراتيجي لمواجهة احترار الشرق الأوسط
بقلم \د.امل الشريف
تعد أزمة المناخ واحدة من أعظم التحديات في القرن الحالي، ولها تبعات جيوسياسية كبيرة، كما هو الوضع الحالي، فالعالم يتجه نحو عالم أكثر حرارة، وتأثيرات ذلك على أجندة العالم السياسية الخارجية كبيرة، ومن هنا تأتي الحاجة إلى دور أقوى للسياسة الخارجية في السياسة الدولية للمناخ، من خلال الدبلوماسية المناخية.
وحاليا، الطريق ممهدة لعالم أكثر حرارة، كما أن انبعاثات الغازات الدفيئة قد زادت بالفعل من درجات الحرارة وتجفف مصادر المياه، وترفع مستويات البحار، وتهدد الأرواح وسبل العيش حول العالم، بينما أصبحت الأحداث الجوية المتطرفة مثل الأمطار الغزيرة والعواصف الخطيرة والجفاف الطويل وموجات الحر القاتلة والحرائق البرية غير القابلة للسيطرة أكثر تكرارا وأشد قسوة.
فالتحديات التي تطرحها أزمة المناخ هائلة، ولا تهدد تبعاتها فقط سبل العيش وتعرقل التنمية، بل تثير أسئلة جيوسياسية مهمة تمس صميم السياسة الدولية، كالسيادة ووحدة الأراضي والوصول إلى الموارد مثل الماء والغذاء والطاقة، بينما أزمة المناخ لديها القدرة على التسبب في تأثيرات كبيرة وغير مؤكدة للغاية على المجتمعات، ما يقوض الأمن البشري ويزيد من مخاطر الصراع وعدم الاستقرار، إلا أن مواجهة هذه التحديات تتطلب استجابة إستراتيجية ومنسقة على المستوى العالمين، وهنا يأتي دور الدبلوماسية المناخية.
“المال” تواصلت مع أماني الماحي، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وعضو الاتحاد الأفروأسيوي للتحكيم الدولي، وبينت أن الدبلوماسية المناخية لا تحظى بتعريف عالمي موحد، حيث إن المفوضية الأوروبية دشنت 4 محاور للدبلوماسية المناخية على المستوى السياسي، وهي الالتزام بالتعددية في السياسة المناخية، وخاصة تنفيذ اتفاقية باريس، ومعالجة تأثيرات تغير المناخ على السلام والأمن، وتسريع العمل المحلي وزيادة الطموح العالمي، وتعزيز التعاون الدولي في مجال المناخ من خلال المناصرة والتواصل.
أماني الماحيوأضافت “الماحي” لـ”المال” أن الدبلوماسية المناخية إنما تستخدم الأدوات الدبلوماسية لدعم الطموح ووظائف نظام تغير المناخ الدولي ولتخفيف التأثيرات السلبية لمخاطر تغير المناخ على السلام والاستقرار والازدهار، علاوة على ذلك، تتضمن الدبلوماسية المناخية استخدام قضية تغير المناخ لتعزيز أهداف السياسة الخارجية الأخرى مثل بناء الثقة والسلام أو تعزيز التعددية، بينما تتطلب الدبلوماسية المناخية أيضا إعداد إستراتيجيات لتقييم وإدارة المخاطر على المستوى الإستراتيجي العالمي.
وأوضحت أن الدبلوماسية المناخية تعني إعطاء الأولوية للعمل المناخي مع الشركاء في جميع أنحاء العالم في الحوارات الدبلوماسية، والدبلوماسية العامة، وأدوات السياسة الخارجية، ويشمل ذلك التواصل مع الدول الشريكة ثنائيا والدعوة إلى اتخاذ إجراءات مناخية أكثر طموحا.
وذكرت أن هناك عدة أنشطة تمت لبناء فهم أعمق لتغير المناخ والأمن وكسب الدعم للعمل الوقائي، من خلال الالتزام السياسي القوي على المستويات العالمية، والإقليمية والوطنية.
وبينت أن الدبلوماسية المناخية شكل من أشكال الدبلوماسية الوقائية إلى حد كبير، حيث يعد تغير المناخ عامل زعزعة يجب أخذه في الاعتبار في الجهود المبذولة لبناء القدرة على الصمود، بينما يسهم العمل المناخي الحساس للنزاعات في تعزيز الاستقرار.
والجراف التالي يبين تصنيف الأداء المناخي لـ2021 و2022، وفق بيانات وكالة DW الألمانية:
ومن الجدير بالذكر، أن مؤشر أداء المناخ هو أداة مستقلة للرصد تمكن من تتبع أداء البلدان في مجال حماية المناخ، بهدف تعزيز الشفافية فيما يتعلق بالسياسة المناخية الدولية، كما يهدف إلى مقارنة المجهودات المبذولة لحماية المناخ والتقدم المحرز من طرف كل دولة.
وأشارت “الماحي” إلى مبادرة صندوق أبوظبي للتنمية التي تدعم مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة، ما يعزز التعاون الإقليمي للحد من تأثيرات تغير المناخ، إضافة إلى برنامج التأمين ضد مخاطر المناخ في دول الخليج الذي تدعمه شركات إعادة التأمين العالمية، بهدف توفير حلول مالية للحكومات والشركات للتعامل مع الخسائر الناتجة عن الكوارث الطبيعية.
وألمحت كذلك إلى الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي في إطار مشروع “الدبلوماسية المناخية للشرق الأوسط” الذي يركز على بناء القدرات الوطنية والإقليمية للتكيف مع تغير المناخ وتعزيز الاستقرار.
وشددت على أن صناعة إعادة التأمين تلعب دورا أساسيا في تعزيز الدبلوماسية المناخية، من خلال تقديم تغطية مالية للمخاطر الناتجة عن الكوارث الطبيعية والأحداث المناخية المتطرفة، بينما تسهم إعادة التأمين في إدارة هذه المخاطر على نطاق واسع، ما يساعد الدول والمجتمعات على التعافي بسرعة بعد وقوع الكوارث ويعزز من قدراتها على الصمود أمام تأثيرات تغير المناخ.
وذهبت إلى أن شركات إعادة التأمين تعد شريكا إستراتيجيا في الجهود الدبلوماسية لتطوير إستراتيجيات إدارة المخاطر، وتشجيع تبني سياسات مناخية استباقية تخدم الاستقرار العالمي، كما أنها تسهم في بناء جسور من التعاون بين الدول من خلال توفير منصات للتبادل المعرفي وتطوير حلول تأمينية مبتكرة تعزز من القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية المتسارعة.