كتب/ مصطفى احمد
اكدت الدكتورة منى خليل رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات الرفق بالحيوان كان في مصر عبر عصورها الإسلامية أوقاف كثيرة وخدمات منظمة مخصّصة لرعاية الحيوانات، وبعضها يُعتبر من أرقى ما عرفه العالم قديمًا. المصريون كان عندهم سمعة عظيمة في الرحمة بالحيوان، وده مثبت في سجلات الأوقاف وفي كتابات المؤرخين.
أولًا: الأوقاف على الحيوانات في مصر
1. أوقاف لإطعام القطط والكلاب الضالة
في العصر المملوكي والعثماني:
وُجدت أوقاف مخصّصة لشراء اللحوم والعظم والخبز لإطعام القطط والكلاب في شوارع القاهرة.
كان يُعرَف بعضها بـ “وقف السائبة”: أي الحيوانات التي لا يملكها أحد.
❗ سجلت المحاكم الشرعية أوقافًا لشراء طعام للقطط عند أبواب المساجد والأسواق.
2. وقف لسقي الحيوانات
كان هناك “سقّايات” (مياضيء) موقوفة خصيصًا للحيوانات:
الكلاب – القطط – الحمير – الخيول – الطيور.
لا تزال بعض أحواض السقيا الأثرية موجودة في القاهرة القديمة.
3. وقف لعلاج الدواب المريضة والمتعبة
في القاهرة القديمة وُجد ما يشبه:
“بيمارستان للدواب”
(مستشفى للحيوانات)
كان موقوفًا لعلاج الخيول والحمير والجمال التي تصاب أثناء العمل.
يُصرف عليه من ريع الأوقاف لصرف الأدوية وتعيين البيطريين (كانوا يُسمّون “البيطار”).
مؤرخو القاهرة ذكروا أن هذا المكان كان في منطقة باب الشعرية وبولاق أحيانًا، وتغيّر موقعه عبر العصور.
4. وقف للدوابّ الهرمة (العجوزة)
سجلات الحسبة في العصر المملوكي تشير إلى وقف مخصّص لرعاية الحيوانات التي تعجز عن العمل.
كان يُمنع استخدام الدابة العجوز، ويجري نقلها إلى مكان مخصص تُطعم فيه حتى تموت طبيعيًا.
ثانيًا: خدمات الرعاية التي تقدّمها الدولة أو المتطوعون
1. “الحسبة” ورعاية الحيوان
وظيفة المحتسب في مصر الإسلامية كانت تشمل:
منع تحميل الدابة أكثر من طاقتها.
معاقبة صاحب الحيوان لو ضربه أو ظلمه.
فحص حالة الحيوانات المستخدمة في النقل.
التأكد من وجود الماء لها في الأسواق.
ابن الحاج في “المدخل” ذكر بالتفصيل أن المحتسب كان يراقب الدواب مثلما يراقب التجار.
2. القوانين السلطانية
السلطان الظاهر بيبرس وضع نظامًا يمنع إيذاء الدواب ويخصّص أموالًا لعلاجها.
السلطان قنصوة الغوري أمر ببناء “إسطبلات وقف” للدواب المريضة.
ثالثًا: أمثلة مذكورة في المصادر التاريخية
1. المقريزي في الخطط
المقريزي يذكر أن في مصر عددًا كبيرًا من:
السبل (نوافير مائية) مخصصة للدواب.
الأوقاف التي تُنفق على الحيوانات السائبة.
2. الجبرتي
الجبرتي في “عجائب الآثار” ذكر أن بعض الكبار في القاهرة كانوا يوقفون:
أراضي زراعية لشراء علف للحيوانات السائبة.
طعام للقطط على أبواب المساجد أيام الجمع.
رابعًا: مصر في العصور اللاحقة
العصر العثماني
إسطنبول والقاهرة كان بينهم تقاليد مشتركة:
وقف لرعاية الطيور.
وقف لإطعام الحيوانات الشاردة.
وقف لكسوة الخيول في الشتاء.
القرن 19 (عصر محمد علي وأسرته)
إنشاء أوليات الطب البيطري في مصر عام 1827.
كانت هناك “اسطبلات وقف” لرعاية الخيل الحكومية.
وَضعت الحكومة قوانين ضد إيذاء الحيوانات (بدائية لكنها موجودة).
خلاصة مهمة جدًا
نعم، مصر كان فيها أوقاف حقيقية ومنظمة للحيوانات عبر أكثر من 600 سنة.
كانت تشمل: الإطعام، السقاية، العلاج، رعاية الحيوانات العجوزة، العقوبات على من يؤذي الحيوان.
هذه الأوقاف تُعدّ من أوائل صور “الرفق بالحيوان” المؤسسي في العالم.
