عمليات القيد المزدوج في تدبير سيولة دولارية للشركات
سحر الشريف
منذ فترة ليست بالبعيدة حل الدكتور محمد عياد، رئيس مجلس الإدارة لشركة “برايم القابضة للاستثمارات المالية”، ضيفًا بإحدى حلقات برنامج CEO LEVEL، بموسمه الثالث، وكشف حينها أن شركته تعمل على ترتيب اتفاقيات مع إحدى الشركات المتخصصة فى لندن، لبحث أفكار مرتبطة بحلول لأزمة الدولار للشركات المصرية، مثل قيدها فى البورصات الخارجية عبر زيادة رؤوس أموالها بالعملة الخضراء.
ومن هنا حاولت “المال” رصد آراء عدد من خبراء السوق، لبحث إمكانية تنفيذ تلك الفكرة، وما جدواها؟ وما التحديات التى قد تواجهها؟ والفرص على صعيد آخر.
وشبَّه الخبراء هذا الاقتراح بفكرة القيد المزدوج للشركات المدرجة فعليًّا فى البورصة المحلية، بخلاف نظيرتها التى تلجأ لفكرة الطرح للمرة الأولى، موضحين أن كلاهما سيخضعان لعدة اشتراطها تخص الأسواق محل النظر.
ولفتوا إلى أن الشركات المقيدة لديها حل، بأن تلجأ لقيد جزء من أسهمها فى بورصة لندن، ولكن فى هذه الحالة ستتجه الاستفادة لصالح المتداولين على الورقة المالية من خلال ما يسمى بعمليات الاربتراج، موضحين أن كافة الشهادات المتداولة هناك تعانى عمليات نقص السيولة، ولم تأتِ بجدواها حتى الوقت الحالى، ما اضطر الغالبية لعمليات شطب برامجها.
وعلى صعيد آخر قالوا إن عملية القيد فى الأسواق الخارجية ليست بالسهلة إطلاقًا، نظرًا لتكاليفها المرتفعة، وصعوبة القدرة على المنافسة فى البورصات المناظرة، بين الكيانات الكبيرة المدرجة هناك.
بداية توقع محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة “بلوم لتداول الأوراق المالية”، ظهور عدة تحديات قد تواجه تلك الفكرة، على رأسها صعوبة المنافسة، وشروط القيد فى الأسواق المجاورة، إلى جانب التكاليف الخاصة بتلك العملية.
ولفت إلى أن تنفيذ فكرة القيد فى الأسواق الخارجية بشكل عام، هى فكرة غير متاحة للكيانات متوسطة وصغيرة الحجم.
وأضاف “فتح الله”، القيد الخارجى إن تم سيكون بشكل انتقائى على شركات محددة ذات نشاط جاذب وملاءة مالية قوية.
أما على صعيد بورصة “لندن” وفكرة طرح جزء من الأسهم كشهادات إيداع دولية، لفت إلى أن الشركات قامت مؤخرًا بشطب برامجها لعدم جدواها، على الرغم من تحملها تكاليف ثابتة سنوية، نتيجة عدة عوامل من بينها ضعف السيولة .
تجدر الإشارة إلى أن هناك عددًا من شركات البورصة المصرية قاموا خلال الفترة الماضية بإلغاء برامجهم من شهادات الإيداع الدولية ببورصة «لندن» لعدم جدواها، كان على رأس القائمة «بالم هيلز للتعمير»، و«رمكو للقرى السياحية”، و”البويات والصناعات الكيماوية – باكين”.
وقال إن أزمة الدولار فى السوق المحلية مستمرة على الأقل خلال الفترة الحالية، وبالتالى لابد من خلق مصادر دائمة وغير مؤقتة لحلها.
وأضاف ياسر عمارة، رئيس مجلس الإدارة لشركة “إيجل للاستشارات المالية”، أن تلك الفكرة قد تكون صعبة التنفيذ فى البورصات الخارجية.
وأوضح أن لجوء أى من الشركات المحلية سواء كانت مقيدة فى بورصة مصر، ولديها مخطط للطرح فى البورصات الخارجية، أو تلجأ لتلك الفكرة للمرة الأولى، فإنها ستخضع لطبيعة تلك الأسواق وشروطها غير السهلة بالمرة.
ولفت “عمارة” إلى أن أى شركة ستلجأ لفكرة القيد الخارجى لابد من توافر العديد من الشروط بها، مثل كبر حجمها وقوتها المالية، ونشاطها الجاذب حتى تكون قادرة على المنافسة بين الكيانات الأخرى المدرجة فى البورصات الخارجية وتجذب مستثمر أجنبى.
وتابع: أن الشركة التى يوجد لديها نية للقيد الخارجى، لابد أن يتوافر بها مميزات غير موجودة بكيانات أخرى، كنوع من أنواع التفرد.
وقال إن هناك بديلًا متاحًا للشركات المقيدة فى البورصة المصرية، يتمثل فى إتاحة أسهمها كشهادات إيداع دولية فى بورصة “لندن”، موضحًا أنه فى تلك الحالة، فإن الشركة ستكون غير مستفيدة، إذ أعتبره مجرد أداة تفيد المستثمر الفرد.
وكشف ياسر عمارة، رئيس مجلس الإدارة لشركة “إيجل للاستشارات المالية”، أن المقترح الأفضل بأن يكون هناك بورصة موحدة تضم كافة الأسواق العربية على سبيل المثال.
تجدر الإشارة إلى أنه بالنظر لأداء البورصة المصرية فقد حقق مؤشرها الرئيسى مكاسب وصلت إلى %17 فى الفترة منذ بداية العام وحتى قُرب نهاية تعاملات شهر فبراير الماضى، فى حين سجلت القيمة السوقية حوالى 2.03 تريليون جنيه.
وقال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس الإدارة لشركة “مباشر كابيتال هولدنج مصر”، إن السعى لتوفير سيولة دولارية من جانب الشركات لن يأتى إلا من خلال التصدير.
ولفت إلى أن الجانب الأهم الذى يجب أن تسعى له الشركات العاملة فى السوق المحلية لجذب سيولة دولارية لصالحها، وتعزيز وجودها الخارجى هو التصدير.
وأشار “رشاد”، إلى أن القيد الخارجى المزدوج لطالما تم مناقشته فى وقت سابق، ولكنه ظل مجرد فكرة، لم تُقبل عليه أى من الشركات المدرجة فى البورصة المصرية، لصعوبة التنفيذ وعدم جدواها بالنسبة لعدد كبير منهم.
وأوضح أن البورصة المصرية كانت قد بذلت فى وقت سابق جهودًا كبيرة لدعم فكرة القيد المزدوج فى البورصات الخارجية، ولم يكن السعى حينها محصورًا فى فكرة جذب سيولة دولارية من خلال تنفيذ عمليات زيادات رؤوس أموال، ولكن كان الغرض الأساسى دعم أوضاع السوق المحلية.
وأكد أن أى حلول مؤقتة لتدبير عملة دولارية تعتبر غير مجدية، إذ إن هذا الأمر لابد من استمراريته، وخاصة فى ظل الظروف الحالية، حتى تكون الشركات قادرة على تدبير احتياجاتها من استيراد المواد الخام، لتمويل خططها التوسعية، وخاصة إن كانت قائمة على توفير المكن والآلات من الأسواق الخارجية.
ويُسهم القيد المزدوج فى منح الشركات مزايا عديدة منها اتساع قاعدة مساهميها وتنوعهم بما يضمن لها قدرًا من تخفيف المخاطر السياسية والجغرافية المرتبطة بأسواق بعينها، ويوفر بشكل غير مباشر ترويجًا لها وعلامتها التجارية ومنتجاتها بما يؤثر على فرصها التسويقية، وبالتالى على إيراداتها المحققة.