امريكا شيكا بيكا بيكا
سحر الشريف
ترتقي أرواح الشهداء من الفلسطينيين الى باريها يوميا منذ أن بدأ القصف الإسرائيلي المتواصل على منطقة قطاع غزة والذي يستمر منذ أكثر من 220 يومـا، بينما تشهد الدول مواقف متغايرة بين الحكومات وشعوبها خاصة الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية حيث أظهرت الأخيرة موقف أكثر توازنا خلال الأيام القليلة الماضية.
فمنذ اليوم الأول للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، أعلنت الإدارة الأمريكية دعمها الغير مشروط لإدارة، بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي بدوره شكل وزارة حرب وأعلن نفير جيشه ضد كامل القطاع، مضيفا اليه حملات هجومية وإعتقالات واسعة في الضفة الغريبة، رغم إنفصالها عن منطقة الهجوم، ومعلنا منع دخول العمالة اليومية الفلسطينية الى تل أبيب، كما توقفت شاحنات المساعدات اليومية الإنسانية عن الدخول الى المدنيين من جميع المعابر البرية خلال الأسابيع الأولى من بداية الحرب.
وبعد أكثر من 7 أشهر متواصلة، إعتادت خلالها الإدارة الأمريكية إصدار بيانات رسمية تدعم فيها الغزو الإسرائيلي بمختلف جوانبه، لاح في الأفق معطيات جديدة أجبرت واشنطن على تغيير موقفها، لتفاجأ العالم بمعارضة قرار إسرائيلي لأول مرة.
ومنذ البداية، مررت حكومة الرئيس جو بايدن، عدة قرارات بالتصديق على حزم مساعدات عسكرية ضخمة كانت أكبرها بمقدار 97 مليار دولار أمريكي، موجهة الى الدعم العسكري واللوجيستي الى تل أبيب، وجزء منها الى دول أخرى كان منها أوكرانيا وتايوان.
لكن مجريات الأمور في الشارع الأمريكي كانت مغايرة لرؤية حكومته، حيث إنتفضت العديد من الكيانات الطلابية داخل الجامعات الأمريكية منددة بقتل المدنيين ومنع المساعدات فيما وصفوه في لافتاتهم المرفوعة داخل الحرم الجامعي ب “الإبادة الجماعية” ، لتشهد المنظومة التعليمية أحداث عنف غير مسبوقة من قوات الأمن ضد الطلبة المتظاهرون نصرة لغزة، وصلت حد القبض عليهم داخل الحرم الجامغي واستخدام العنف ضدهم، بل حتى الأساتذة الجامعيين لم يسلموا من التعدي والإعتقال.
طالت المظاهرات الطلابية جامعات أمريكية متعددة جاء على رئسها جامعات كولومبيا وواشنطن ودورتموث، ولم تكتفِ الشرطة الأمريكية بالتعامل مع الطلبة فقط، بل ألقت القبض ايضا على عدد من الأساتذة العاملين بالجامعات أثناء تواجدهم داخل الحرم الجامعي، كان من بينهم اثنين من الأساتذة العاملين بجامعة دورتموث الأمريكية، الذين وثقوا التعدي عليهم، كما أظهروا مدى الإصابات التي لحقت بهم أثناء القبض عليهم.
وبحسب ما ورد في صحيفة “سي ان ان” الأمريكية، تخطى عدد المقبوض عليهم من الأساتذة الجامعيين 50 شخصا من الجامعات المختلفة داخل البلاد، حسب السجلات الرسمية للشرطة، بينما تخطى عدد المقبوض عليهم من الطلاب 2400 طالبا منذ 18 ابريل الماضي.
وتمتلئ شوارع تل أبيب بالمتظاهرين المطالبين حكومة بنيامين نتنياهو بالموافقة على هدنة مع حركة حماس لوقف إطلاق النار وعودة المحتجزين، كما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الشرطة الإسرائيلية قررت إغلاق شوارع رئيسية في تل أبيب قبل بدء مظاهرات مساء اليوم السبت المطالبة بصفقة فورية للإفراج عن المحتجزين.
وعلى صعيد أخر، فقد بدأت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في تنفيذ عمليات عسكرية داخل مدينة رفح الفلسطينية، واستولت على معبر رفح، المنفذ البري الأبرز لدخول المساعدات من غذاء ودواء ووقود لأكثر من مليون ونصف المليون من المدنيين النازحين الى المدينة الصغيرة بعد قصف منازلهم وتشريد ذويهم داخل غزة.
جاء التحرك الإسرائيلي بدعوى محاربة أخر معاقل قوات حماس، وتحقيق أهداف الحرب المتمثلة من وجة نظر نتنياهو في “القضاء على تواجد حماس” و “عودة المحتجزين لدى حماس” من الإسرائيليين الذين اسرتهم المقاومة يوم 7 ـكنوبر.
بينما أصبحت الإدارة الأمريكية في وقتنا الحالي متشككة في الموقف الإسرائيلي، ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها داخل غزة، خاصة مع إطالة أمد الحرب.
كما زاد الأمر تعقيدا في رؤية واشنطن للمشهد بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، أنهم لم يتلقوا خطة واضحة المعالم من إدارة نتنياهو تخص عملية إجتياح مدينة رفح، كما أن أمريكا لا تدعم هذا القرار الذي من شأنه تهديد أرواح المدنيين وزيادة التوتر في الأوضاع الجارية,
وأضاف بلينكن، أنه من الممكن إعادة النظر في قرارات الدعم لإسرائيلي حال عدم التأكيد بالدليل الدامغ لإستخدام جيش الدفاع للأسلحة الأمريكية حسب القوانين الإنسانية.
جدير بالذكر، أن الولايات المتحدة كانت قد أعلنت أول أمس، عن إكتمال الرصيف العائم على شواطئ قطاع غزة للبدأ في إدخال المساعدات الإنسانية بحرا، وذلك لأول مرة منذ بداية الحرب، رغم ضلوع واشنطن الرئيسي في تبني الوساطة والمفاوضات بين أطراف النزاع.
وتلعب مصر دور رئيسي في تلك المفاوضات، حيث عرضت القاهرة مبادرة متمثلة في وثيقة تنص بنودها على هدنة مؤقتة وعودة تدريجية للمحتجزين وتراجع عسكري إسرائيلي، كان قد وافق عليها الأطراف الى حد كبير، قبل ضرب إسرائيل معبر رفح وإخراجه عن الخدمة، الأمر الذي دفع مصر الى تصعيد لهجة الحوار ورفضها تولي دخول المساعدات الا في حالة التنسيق مع الجانب الفلسطيني فقط للمعبر.
حصيلة العدوان على غزة
وجاءت حصيلة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة باستشهاد ما يقرب من 35 الف فلسطيني، وإصابة ما يزيد عن 78 ألفا، كما يعاني الباقون من أهل القطاع من التكدس الشديد داخل منطقة رفح الفلسطينية التي نزحوا اليها هروبا من القصف، بينما أعلنت اسرائيل بداية عمليتها الجديدة لضرب رفح التي يقطنها الان ما يصل الى 1.4 مليون مواطن مدني.